أحدث الأخبار

سد النهضة,السودان,المؤشر,مصر,اسرائيل,المياه,اثيوبيا,الملء الثاني,المفاوضات,الاتفاقيات

رئيس التحرير
عبد الحكم عبد ربه

خبير مياه لـ«المؤشر»: إثيوبيا دولة مارقة.. وحان إيقاف الملء اتفاقا أو إكراها

الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة  المؤشر
الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة

تواصل إثيوبيا ترويج سلسلة أكاذيب عن مفاوضات السد والاتفاقيات التاريخية لدول المصب والمنبع، وكان قد أعلن دينا مفتى المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية أن دولتي المصب " لا تريدان نجاح الاتحاد الإفريقي في إنهاء المفاوضات حول سد النهضة "، واعتبر أن " الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل التي تتمسك بها دولتا المصب لا يمكن قبولها وغير معقولة ".

خبير المياه الدكتور عباس شراقي يرد عبر "المؤشر" علي المزاعم الكاذبة لإثيوبيا فى مفاوضات سد النهضة ويؤكد أنه حان الوقت لإيقاف الملء اتفاقا أو إكراها.

 

فى البداية، أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن المفاوضات الحالية حول السد الإثيوبي تنصب فقط على ملء وتشغيل السد، طبقا لإعلان المبادئ، ولا يوجد أي ذكر او ارتباط أو علاقة بالاتفاقيات السابقة، مؤكداً أن إثيوبيا ليست طرفا فى الاتفاقيات السابقة سواء 1929 أو 1959 ، ولم يطلب أحد منها الاعتراف بها، بينما هى طرف فى اتفاقية 1902 التى تلزمها بعدم إقامة منشآت على النيل الازرق، وهذه الاتفاقية حدودية بمعنى أنها نافذة وإلا علي إثيوبيا إخلاء إقليم بنى شنقول الذى يوجد عليه السد.

 

وأضاف أن البند السابق يوضح مدى تناقض وتبجح وعدم أخلاقية وعدم اتساق الطرف الإثيوبي، الذى يتحدث عن رفض اتفاقيات لاعلاقة له بها، وينكر ويتنصل من اتفاقية ملزمة له بنى عليها سد بالمخالفة لبنودها، ووقعتها إثيوبيا المستقلة مع المستعمر البريطانى نيابة عن السودان المصرى آنذاك.

 

مضيفاً أن إثيوبيا الحالية نفسها دولة استعمارية تمددت بطريقة الاستعمار الغربى على حساب جيرانها مرتكبة فظائع وبشاعات يشيب من هواها الولدان، لذلك فإن التفاوض الحالى حول السد لا يرد فيه أي ذكر للاتفاقيات السابقة لأنه يدور حول تقليل الضرر على الدولتين أسفل المجرى السودان ومصر، طبقا للبند رقم 3 فى إعلان المبادئ، وبند عدم الحاق الضرر يسبق البند الخاص بمبدأ الاستخدام المنصف والعادل الذى تتشدق به إثيوبيا، والذى ياتى تاليا فى البند رقم 4.

 

وأوضح، خبير المياه، أن إثيوبيا ليست بحاجة اطلاقا للمياه، فلديها هطول مطرى يقدر ب 970 مليار م3 ، ينتج عنها 50 مليون فدان زراعة، و50 مليون فدان مراعى، 100 مليون رأس من القطعان، وعلى ذلك فالاستخدام المنصف تعريفه هنا هو تحقيق الفائدة لإثيوبيا من خلال توليد الكهرباء، و ليس اقتطاع حصة من المياه، لأن هذا يتعارض تماما مع البند رقم 3 من إعلان المبادئ بعدم الحاق الضرر .

لافتاً إلى أن إثيوبيا لا تحتاج إلى حصة من المياه اصلا، ولا يوجد استخدام لها حول النيل الازرق بسبب الطبيعة الطبوغرافية، وانما تريد بيعها ونقلها إلى خارج الحوض، طبقا للتصريحات الرسمية الإثيوبية التى صدرت مؤخرا، وإثيوبيا تتشدق طوال الوقت بمبدأ الاستخدام المنصف والعادل، وتتناسى عمدا أن هذا المبدأ يتحدث عن ( الاستخدام للمياه ) وليس ( بيع المياه ) الذى تريد تمريره على حساب حياة 150 مليون نسمة فى مصر والسودان.

وأشار شراقي، إلي أن موضوع تقاسم المياه الذى يتحدث عنه الناطق الإثيوبي، لا علاقة بمفاوضات السد، ولم تطرحه إثيوبيا إلا فى العام الماضى حين انتقل التفاوض لرعاية الاتحاد الأفريقي، وهو موضوع خارج نطاق اعلان المبادئ اصلا بل ويؤدى إلى نقضه وفسخه بالكامل ، لأنه ينسف البند رقم 3 من إعلان المبادئ.

ولفت إلى أن مصر فى الوقت الحالى تقع فى حيز الفقر المائى وحصة الفرد وصلت إلى 530 متر 3 للفرد، وأي نقص فى مواردها الحالية يسبب لها ضررا جسيما جدا ومهددا للحياة، وكل ما يصل إلى مصر من التدفق الطبيعى للنهر هو 3% من إجمالي ايرادات حوض النيل المقدرة ب 1660 مليار م3، وليس كما يسعى المتحدثون الإثيوبيين إلى التدليس والتضليل بالقول بأن مصر تأخذ حصة الأسد من النهر وهم يحصلون على صفر.

وتابع: كل ما يصدر من إثيوبيا كذب وتضليل ولى لأعناق الحقائق، مصدره هو التصور الإثيوبي بملكية الانهار التى تنبع من الهضبة الإثيوبية، وسعيهم لاستخدام ذلك كأداة اقتصادية واستراتيجية لتركيع وافقار كل المنطقة المحيطة بهم بمنع المياه عنها، ثم توظيف ذلك فى أحداث خلل فى التوازنات الاستراتيجية القائمة فى القرن الأفريقي وحوض النيل وإحراز التفوق لصالح إثيوبيا، تمهيدا لبناء إمبراطورتيهم بالتوسع فى أراضى السودان وغيره من الدول المحيطة بهم، وإعادة احتلال إريتريا للنفاذ إلى البحر والتحول إلى الدولة المحورية التى لا تكتفى بالتحكم فى الانهار وانما ايضا فى ملتقى البحار ومدخل البحر الاحمر .

مشيراً إلى أن إثيوبيا ترفض بشدة أى اتفاق ملزم حول السد، لكى تكون مطلقة السراح فى تنفيذ مخططاتها التى لا تستطيع الإفصاح عنها حاليا ، وان كانت تفعل ذلك جزئيا بما يتناسب مع المرحلة التى قطعتها فى التنفيذ، ونلاحظ مثلا تصريحات زيناوى فى 2012 بأنه لن ينقص كوب ماء واحد، والان يتحدثون عن تقاسم وبيع ونقل المياه خارج الحوض.

 وأكد خبير المياه، أن إثيوبيا التى لا تستطيع اطعام شعوبها غير مؤهلة لتنفيذ هذا المخطط، هذا غير أنها تسير ببطء لكن بثبات نحو الفوضى، ولكن يدعمها ويقف وراءها الآن قوى إقليمية ذات أهداف قصيرة الأجل، تلعب فى نهاية المطاف ( وهى تعرف أو لا تعرف ) لصالح القوى الغربية الاكبر ومعها ربيبتها إسرائيل، والتى تدير المنطقة ككل لخدمة مصالحها وأهدافها الاستراتيجية.

وبقى أن نقول إن ضربة البداية الحقيقة فى دخول كل هذا الترتيب إلى حيز النفاذ الفعلى هو إتمام الملء الثانى للسد الإثيوبي دون وجود اتفاق ملزم وشامل .

 وشدد شراقي، أنه لا ينبغى الاستهانة بفكرة الاتفاق الملزم والشامل والقول بأنها غير كافيه، باعتبار أن إثيوبيا دولة مارقة لا تلتزم بعهد ولا تحترم ميثاق، وذلك لأن الاتفاق الملزم والشامل يحقق لإثيوبيا ما تريد من توليد كهرباء لخدمة التنمية، ومصر تقف مع ذلك، ولكنه فى نفس الوقت يضع قيدا هائلا على بقية المخطط الذى ذكرناه .

واثيوبيا تعرف أنها لو خرقت هذا الاتفاق فسوف تواجه مشاكل صعبة، ويحق لمصر اتخاذ ما تراه من إجراءات، كما أن الظروف المحيطة القائمة الآن والتى تصب فى خدمة الأهداف الإثيوبية لن تدوم، فالمتغيرات فى هذه المنطقة سريعة الدوران، كما أن تماسك إثيوبيا نفسها أصبح سؤالا مطروحا بقوة فى العديد من الكتابات الغربية حيث يتردد السؤال : هل تتجه إثيوبيا إلى المصير اليوغوسلافي ؟ - لكل ذلك يجب إيقاف الملء الثانى اتفاقا أو إكراها .. ونوجه نداء للقيادة السياسية باتخاذ القرار الحازم، فكل المعطيات أصبحت واضحة، والتأخر أكثر مما ينبغى يزيد من تعقيدات الموقف.

ومما نرى ونشاهد ونعيش فى كل انحاء مصر، فى ريفها وفى حضرها، فإن مائة مليون مصرى يقفون صفا خلف الدفاع عن حقوق مصر غير القابلة للتصرف مهما كانت التبعات.