أحدث الأخبار

ليست من عادتي مديح أصحاب الكراسي والمعالي والفخامة والسمو الوظيفي.. تعلمت في مدارس النقد الصحفي البناء التي ت

يكتب,المؤشر,عبد الحكم عبد ربه,وليد عباس

رئيس التحرير
عبد الحكم عبد ربه
وليد عباس.. الذئابُ ستعوي فلا تنتبه إلّا لقافلة الإسكان!

وليد عباس.. الذئابُ ستعوي فلا تنتبه إلّا لقافلة الإسكان!

ليست من عادتي مديح أصحاب الكراسي والمعالي والفخامة والسمو الوظيفي.. تعلمت في مدارس النقد الصحفي البنّاء التي ترى أن مهمة الصحافة؛ تسليط الضوء على السلبيات، ودق جرس التنبيه، والنفخ في بوق التحذير، وصفع الفاسدين والمقصرين على «أم رأسهم» ليتذكروا أن هناك من يراقبهم ويقوّم اعوجاجهم وانحرافهم عن طريق تحقيق مصلحة المواطن والوطن والحفاظ على مقدرات الدولة ومستقبلها.

أتذكر ما حدث بالنص يوم استدعاني رئيس الوزراء الأسبق المهندس إبراهيم محلب وقت أن كان وزيرًا للإسكان وقبل أن يُكلف برئاسة الوزراء بأيام قليلة؛ ضاجرًا مما أكتب عن الوزارة بالوقائع والمستندات، التقاني في مكتبه بالوزارة بإبتسامة ود قائلًا:«أنت عبد الحكم.. فكرتك راجل كبير في السن على الكلام الكبير إللي بتكتبه ده.. يا راجل صحافة مصر كلها بتشكّر فيَّ وبترشحني لرئاسة الحكومة وأنت الوحيد إللي نازل سلخ وبتقول الوزارة فيها وفيها والمسؤول الفلاني عمل والمسؤول الفلاني سوّى، وهات يا نشر ومستندات مش عارف بتطلعلك إزاي من الوزارة؟!»، أجبته: «أنا عنيك يا سيادة الوزير في الوزارة، بشوف وبسمع إللي ما تقدرش حضرتك تشوفه ولا تسمعه، بيجيني صاحب الغرض الشخصي وصاحب المصلحة العامة ويقولولي عن المستخبي وكلٌ له مآربه، الوزارة مليانة بتركه ثقيلة من المخالفات وإهدار المال العام تركها من سبقوك، وعارف أنك بتحاول تصحح الأوضاع وأنا بنبه حضرتك لمواطن الخلل»، ولا أريد إلّا الإصلاح ما استطعت، وأصل ابتسامته: «ما ينفعش تنبهني من غير فضائح في الجرايد، تليفوني بالتأكيد معاك، وباب مكتبي مفتوحلك، وزميلك هاني أنت عارفه.. نبهني للخطأ ولو ما لقتش استجابة وتصحيح أنشر براحتك».  

(2)  

ما ذكرته في السطور السابقة واحدة من لقاءات كثيرة جمعتني بمسئولين كُثر خلال سنوات طويلة من العمل الصحفي في وزارات مختلفة كنا نراقب فيها أداء المسؤولين في مناصبهم، نتتبع أداءهم الوظيفي، لنرى مدى حُسن إدارتهم أو إخفاقهم فيما وكِّلَ إليهم من أعمال، لننقل للمواطن والقارئ الحقيقة كاملة دون زيف أو تزيين، وحقً علينا أن نساند المخلصين والمجتهدين والشرفاء والمهمومين بمشكلات المواطن والوطن، حتى لا يشعروا أنهم يقاتلون في جبهة الإصلاح وحدهم، بلا مدد، ولا سند، ولا عتاد.  

(3)  

تولى الدكتور المهندس وليد عباس الإشراف على مكتب وزير الإسكان إلى جانب عمله مشرفًا على قطاع التخطيط والمشروعات، وجاء الاختيار في توقيت مضطرب بعد هزة كبيرة تعرض لها مكتب الوزير بالرحيل الإجباري للمدير السابق ـ ضابط الحراسات الفاشل ـ وحقائق كثيرة، وتصريحات قليلة خرجت عقب الأزمة التي تسبب فيها غير «المأسوف عليه» لما أحدثه من انشقاقات وصراعات في الوزارة وجناحها الاستثماري والمالي المتمثل في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

وعلى مدار سنوات ـ ليست بالقصيرة ـ عانت هيئة المجتمعات العمرانية وأجهزة المدن التابعة وهيئات الوزارة وشركاتها من سوء إدارة الراحل، ومن جراء عقلية قادمة من غيابات المجهول؛ لتسيد الموقف والإدارة في منصب بالغ الحساسية والخطورة يمثل ظل الوزير في «الغياب والحضور»، رُصد فيها «الضجر المكتوم»، والأسف والدعوات بأن يتولى شئون الوزارة ابن من أبنائها أعلم بأمورها ودورها ومسئولياتها وتطلعاتها نحو البناء والتنمية والعمران ومساندة الدولة في مشروعاتها القومية.  

(4)  

جاء الاختيار الموفق لـ«وليد عباس» مهندس تخطيط مشروعات الوزارة، وسط فرحة القاصي والداني في وزارة الإسكان؛ لما له من سمعة طيبة، ونظافة يد، وكفاءة يشهد بها الجميع، وخبرات متراكمة جمعها في سنوات الإدارة السابقة بموقعه كمعاون لوزير الإسكان لشئون هيئة المجتمعات والمشرف على قطاع التخطيط والمشروعات..والحق أن أداء هيئة المجتمعات العمرانية تطور بشكل ملحوظ وكبير، بدخولها لاعبًا أساسيًا في مشروعات الدولة من حيث التخطيط والتنفيذ والإشراف بفضل رجال مثل «عباس» والمخلصين في العمل معه من قيادات ومهندسي الهيئة.

ومعه فتحت الوزارة والهيئة أحضانها لكل الاستثمارات ووضعت ضوابط واضحة جلية للاستثمار في المشروعات والأراضي، وطورت أفكارها وخطت خُطوات تنفيذية لجذب الاستثمار في المدن الجديدة وإتاحة الفرص كاملة أمام الجادين من المستثمرين وأصحاب المشروعات العمرانية المتكاملة، وتوسعت في تخطيط المدن الذكية مدن الجيل الرابع، ووضعت كافة المدن الجديدة على خريطة الاستثمار، لدرجة أن المدن الجديدة في الصعيد ـ الذي ظل منسيًا لسنوات ـ تحولت لقبلة المستثمرين وتوفرت بها فرص استثمارية بإقامة الجامعات والمدارس الخاصة والمشروعات السكنية والمولات وغيرها من الخدمات.

وأتاح وليد عباس وهو على رأس قطاع التخطيط والمشروعات الفرص بحيادية ونزاهة أمام الجميع، بطرح فرص الأراضي الاستثمارية الكبرى والصغرى أمام الجميع وعلى المواقع الإلكترونية التي أُنشئت خصيصًا للشركات والأفراد والمستثمرين، في آليات جديدة لم تكن متاحة من قبل، وتحركت مع تخطيطات قطاعه أجهزة المدن وبدأ رؤساء الأجهزة يتسابقون في عرض الفرص الاستثمارية في مدنهم.  

(5)  

مّنْ يعرف طبيعة المؤامرات وألاعيب الكراسي والعيون المُشتاقة والمتربصة؛ يُشفق مثلي على وليد عباس من قبوله للتكليف الجديد الذي يشتاق له «كل مّنْ في قلبه غرض ومرض» وشهوة في السلطة والتحكم ـ وما أكثرهم في وزارة الإسكان ـ، فما بين حاقد، وطامع، ومتآمر، وكاره، وجد «عباس» نفسه بين حد «المطرقة والسندان» في شهرين فقط من توليه مسئولية رأب الصدع وعملية الترميم ولم الشمل وبدء مرحلة الإصلاح ورد المظالم ومد جسور الثقة من جديد في خطوات بدأها المهندس بلقاءات متتالية مع كافة المسئولين بالوزارة وأجهزة المدن والهيئات والشركات وشباب المهندسين والمعاونين والنواب للاستماع إلى مشكلاتهم ومقترحاتهم ورد مظالمهم، ومتابعة المشروعات والتكليفات الوزارية.  

(6)  

وكما يقول المثل الشعبي: «في الوش مراية وفي القفا سلاية»، بدأت خفافيش الوزارة ـ مبكرًا جدًا ـ ودون موضعية أو إنصاف في إطلاق خطة التشكيك بقدرات الرجل ومؤهلاته وخبراته الكافية لإدارة هذا المنصب الحساس، برعاية «عبده مُشتاق» صاحب النظارة السوداء وأتباعه وبعض شيوخ قطاع التخطيط والمشروعات.. فكيف لشاب في منتصف الأربعين يتقدم عليه وهو الأكبر في «الأنا» والأضخم في «الذات» وصاحب الخبرة والتاريخ العريض بهيئة المجتمعات العمرانية وعاصر وزراء الإسكان ومّنْ أصبحوا رؤساء للحكومة، وقد بلغ من الكبرِ عتيًا حتى سن ما بعد المعاش ومازال يطلب المزيد!.

صاحب النظارة السوداء جنّد مهندسة، منبوذة من كل جهاز مدينة تذهب إليه ـ لتفرغها للتنظير على الفيس بوك أكثر من عملها كما يقولون ـ محاولًا استخدامها ومّنْ معه لإشعال فتيل التشكيك في مدير مكتب الوزير بدلًا من مساندته والوقوف بجانبه من أجل مصلحة الوزارة.. والحقيقة أنا شخصيًا تعاطفت معها يوم أن اشتكت من مدير مكتب الوزير السابق؛ لأنه كان نموذجًا للمسئول السيئ لا فكر ولا هندسة ولا إدارة.  

(7)  

وختامًا: أبعث بثلاث رسائل مهمة، أولها للدكتور وليد عباس: سر بقافلة الإسكان وحسبك الله في قراراتك وإدارتك لشؤون الوزارة، ولا تدع عواء الذئاب يُعطل مسيرة الإصلاح، وكن عند حُسن ظن الجميع بك، ولا تغلق عليك بابك، حتى ترى وتسمع وتتابع وتصلك شكوى مّنْ له مظلمة.

وثانيها، للرجل الكبير صاحب النظارة السوداء: كفى ما أنجزته في قطاعك وتحكمك في أجهزة المدن باختيار الموالين والأنصار والأصدقاء والكفء منهم وغير الكفء وتمتع بأيام معاشك بعد نهاية مدة التجديد ودع الفرصة لقيادات أخرى تُكمل مسيرتك، فقطار المناصب لا يتوقف على محطة واحدة.

وثالثها، للمهندسة الحسناء: لا تدعي المتربصين يستخدمونك حطبًا لنار الغيرة والحقد، وكما قلتِ من قبل: إنه عُرض عليك المناصب ورفضتها، وأن همك هو مصلحة البلد والصالح العام؛ فلا يهم أن كان اسم مدينة المنصورة الجديدة أنت مّنْ اخترته أو غيرك، ولا يهم أن كانت مشروعات سكن مصر فكرتك أم فكرة غيرك، الأهم أن يكون هناك حياة متكاملة في المنصورة الجديدة وسكن مصر.     

اقرأ أيضا:

«بعد شهر ونصف».. بداية خطة الهجوم على وليد عباس معاون وزير الإسكان