أحدث الأخبار

في السادسة مساء الخميس منتصف أبريل الماضي استيقظ محمد عادل ذو الـ 34 عاما ويعمل بدولة ليبيا على مكالمة هاتف

فيروس كورونا,سوهاج,محافظة سوهاج,المغتربين من سوهاج,الإصابة بفيروس كورونا

رئيس التحرير
عبد الحكم عبد ربه

مرارة الغربة.. كيف تواصل المغتربين من أبناء سوهاج مع أهاليهم المصابين بالوباء؟

فيروس كورونا  المؤشر
فيروس كورونا

في السادسة مساء الخميس منتصف أبريل الماضي، استيقظ محمد عادل، ذو الـ 34 عاما ويعمل بدولة ليبيا، على مكالمة هاتفية من الأخ الأصغر له "عثمان"، عقب يوم عمل شاق وطويل، يخبره بلهجة مقتضبة وحزن شديد، بتعرض والدهما المسن لتعب مفاجئ، وظهور أعراض عليه تشبه أعراض فيروس كورونا المنتشر منذ أيام في القرية التي يقيمون بها بمحافظة سوهاج.

 

 "قالي مش عارف أعمل ايه خوفا منه أن يكون فيروس كورونا"، ليطلب محمد من "عثمان" بالذهاب مسرعا بالأب إلى أي الأطباء المشهورين بالمحافظة للكشف عليه، والاتصال به مرة أخرى لإعلامه بما قاله الطبيب "كنت معه كل شوية على الخط"، ولم تمر ساعات قليلة حتى تلقى محمد مكالمة من عثمان كانت كالصاعقة وهي تأكد إصابة والده الرجل المسن بفيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”، مع ضرورة خضوعه لبعض جلسات التنفس تجنبا لتدهور حالته الصحية التي تؤدي إلى الوفاة، وخصوصا أن الأب يعاني من بعض الامراض المزمنة.

عدم المقدرة على العودة

"عاوز أنزل بس مش عارف صعب في الوقت الحالي"، يقول محمد بنبرة حزينة، وذلك بعدما تم رفض طلبه بالسماح له بالنزول إلى بلدته للاطمئنان على والده والعودة مرة أخرى من المقاول الذي يشرف عليه في عمله "قالي لو نزلت مش هتعرف تيجي تأني"، بجانب عدم المقدرة على تدبر أمر السفر في الوقت الحالي نتيجة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد بسبب فيروس كورونا.

"قولت ياريت ما سفرت أصلا من البداية"، يقول محمد، قبل ثلاث سنوات مضت، اتخذ محمد قرار سفره إلى دولة ليبيا عن طريق الهجرة الغير شرعية مع عدد من أبناء عمومته وبعض الشباب بالقرية، وذلك للعمل في مجال المعمار "الرجل اللي طلعنا طلب من الواحد فينا 10آلاف قبل السفر ومثلهم بعد استلام العمل"، ظل محمد يدبر في المبلغ المطلوب قبل انتهاء المدة المحدودة حتى جهز حقيبته وسافر إلى ليبيا.

مرارة الغربة وقسوتها

ما بين لحظات وأخرى كان محمد يهاتف أخيه وأسرته للاطمئنان على والدهما، الذي يخضع للعزل المنزلي ويتعاطى أدوية كورونا، لتأتيه صدمة أخرى هو ظهور نفس الأعراض على باقي أسرته المكونة من 4 أفراد "أب وأم وأخ وأخت"، وتأكد إصابتهم بالفيروس نتيجة مخالطتهم مع والدهما المسن "كنت هموت من الخوف عليهم حسيت أني عاجز".

سوهاج تتصدر في انتشار الوباء

وتصدرت محافظة سوهاج، إحدى محافظات الصعيد، في الفترة القليلة الماضية، المحافظة الأكثر ارتفاعا في وفيات وإصابات فيروس كورونا، وذلك طبقا لبيانات وزارة الصحة التي تجريها من وقت إلى آخر عن طريق فريق البحث والتقصي بالوزارة، حيث بلغ معدل الإصابة اليومية 150 حالة تأكد إصابته بالفيروس، في حين أن متوسط الحالات اليومية على مستوى الجمهورية لا يتعدى الألف حالة.

نفس ما حدث ما محمد، حدث بكل تفاصيله مع عامر مصطفى الذي يعمل بسلطنة عمان ومقيم في إحدى القرى في محافظة سوهاج، وذلك عندما قام الشاب بالاتصال على زوجته التي أخبرته بارتفاع درجة حرارة ابنتها الصغيرة "منه"، مع كحة خفيفة متقطعة، ليطلب منها عامر عرضها على أحد الأطباء الذي أخبرهم بإصابة الطفلة التي لا يتعدى عمرها الـ 10 سنوات بفيروس كورونا المستجد.

الغربة والإحساس بالعجز

"أول ما عرفت لميت هدومي وقولت هنزل"، ليتفاجأ لحظة النزول بعدم الحصول على مستحقاته المالية من الشركة التي يعمل بها، وما عليه سوى الانتظار لبعض الأيام حتى انتهاء بعض الإجراءات "قالوا لو نزلت مش هترجع تاني دي تعليمات".

على مدار تلك الأيام، لم يترك عامر زوجته لحظة وحيدة التي تبين إصابتها هي الأخرى بالفيروس، يظل معها على الهاتف أغلب الوقت "بالصوت والصورة"، يقول عامر "كنت بكلمهم كل شوية أكني معاهم بالظبط"، لمتابعة تعاطيهم العلاج، حتى بدأت حالتهم في التحسن "الأعراض راحت والحمدلله صحتهم رجعت"، يصف عامر تلك الفترة التي قال بأنها الأصعب في حياته يقول "أحساس صعب جدا لما حد يكون في حاجة ليك وأنت مش عارف تعمل ليه حاجة".