أحدث الأخبار

المؤشر,مدحت قمر,البنك العقاري المصري,الفاشل,يجلس على كرسي,مستندات,مخالفات,إهدار المال العام,قرية لونج بيتش

رئيس التحرير
عبد الحكم عبد ربه

مدحت قمر.. «الفاشل» الجالس على كرسي البنك العقاري المصري (مستندات)

المؤشر

يحمل البنك العقاري المصري الذي يشغل رئيس مجلس إدارته مدحت قمر شعار:«نغير.. نبتكر»، لكن لا شئ يتغير ولا شئ يُبتكر غير إهدار المال العام، حتى الفشل المستوطن في مجلس إدارة البنك لسنوات باقٍ على حاله ولم يتغير.

يُقيم مسار نجاح أي مسؤول من فشله، بما تحقق من إنجازات ونجاحات، وتترجم النجاحات إلى أرباح إذا كان الكيان ربحي كأي مصرف مصري، وإلى إنجازات إذا كانت المؤسسة مسؤولة عن تحقيق إنجازات في التنمية والنهوض بالاقتصاد.

مسيرة عمل مدحت قمر في البنك العقاري المصري بين الفشل والنجاح؛ تُقيم وفق معايير دوره الوظيفي، كمسؤول عن مجلس إدارة البنك الآن وعمله سابقًا نائبًا لرئيس مجلس إدارة البنك السابق عمرو كمال، الذي أُجبر على الاستقالة من الباطن وفي الظاهر كان تقديم طلب اعتذار عن الاستمرار في مجلس الإدارة لظروف صحية.

في الوقت الذي حدثت فيه «طفرة ربحية» على مستوى كافة البنوك المصرية بعد قرار تعويم الجنيه في 2016 وبدء مرحلة الإصلاح الاقتصادي؛ خسر البنك العقاري في ظل مجلس إدارته الحالي ما يفوق الـ22 مليار جنيه رغم الدعم الكامل الذي حظى به من البنك المركزي، لكن تحويل البنك إلى عزبة خاصة تُمارس فيه كل أشكال المجاملات وإهدار المال العام وسؤء الإدارة جعل البنك يعاني ويستمر.

داخل السطور التى نكشفها مستندات دالة على كيفية تحول البنك إلى مستنقع للمخالفات وإهدار المال العام؛ بسبب سيطرة مدحت قمر ورجاله المقربين على مقاليد الأمور في البنك واقصاء كل الكفاءات والقيادات التي تصدت لشبهات الفساد وإهدار المال العام طوال سنوات، وكانت المكافآة أن انفرد مدحت قمر بإدارة شؤون البنك وحوله إلى تكية تديرها سيداتان تتحكمان في مستقبل البنك ورجاله.

**الصعود على الكرسي

في 27 نوفمبر من عام 2019 أصدر البنك المركزي المصري بيانًا توضيحيًا بشأن استقالة عمرو كمال من رئاسة مجلس إدارة البنك العقاري المصري، الذي قيل إنها لظروف صحية؛ وكانت الحقيقة لمخالفات مالية وإهدار للمال العام في صفقات بيع تمت في البنك، وأوضح البنك المركزي أنه بناء على تذكية رئيس مجلس إدارة البنك فإنه رشح مدحت قمر نائب رئيس البنك، الذي كان قد اختاره بنفسه لاستكمال البرنامج الإصلاحي، وتم اختياره رئيسًا للبنك لمدة 3 سنوات.

ملفات عديدة وضعت مدحت قمر في دائرة الفشل المتسعة التي تصل إلى حدود شبهات الفساد وإهدار المال العام؛ منها بيع الأصول المملوكة للبنك بأبخس الأثمان، وصفقات بيع مُريبة، وقروض دون ضمانات كافية، ومجاملات لقيادات دون المستوى وتوزيع المناصب والأموال على عدد من المقربين، والاستعانة بمن تخطوا سن التقاعد في وظائف استشارية للبنك بأرقام مبالغ فيها، واتهامات بالاستيلاء على أموال  بعض المودعين وممتلكاتهم.

ما تم في صفقة بيع قرية «لونج بيتش» وما تكشفه المستندات والتقارير أكبر دليل على الفشل وشبهات الفساد وإهدار المال العام التي تدور حول رئيس مجلس إدارة البنك العقاري المصري.

لسنوات طويلة ظلت قرية لونج بيتش تمثل صداعًا في رأس مجلس إدارة البنك لفشل إدارة البنك في تسويق مشروع القرية أو الاستفادة منها علاوة على إهدار الأموال في الحوافز والمرتبات التي يحصل عليها القائمين على إدارة قرية لونج بيتش، حتى جاء القرر النهائي بالتخلص منها وبيعها.

** الصفقة الحرام

اشترت شركة ماكسيوم للاستثمار العقاري المملوكة لرجل الأعمال محمد وجدي كرار، قرية لونج بيتش بنظام المشاركة في الأرباح على أن تكون نسبة البنك 40%، وعلى ألا يقل ناتج البيع عن مليار و287 مليون جنيه وذلك بدفعات تصاعدية لمدة 5 سنوات، في الوقت الذي قُدرت فيه القيمة التسويقية ـ وفق التقارير ـ للقرية ما يصل لـ3 مليار جنيه لتميز القرية بموقع فريد وتصميم معماري خاص، وتملكها لأكبر شاطئ رملي بالمنطقة.

بعد عدة مباحثات قرر البنك إجراء مزايدة بالأظروف المغلقة لبيع القرية وضع بنودها وشروطها في كراسة شروط المناقصة، ونصت الشروط على ألا تقل الدفعة المقدمة عن 100 مليون جنيه، واجمالي الثمن لا يقل عن 1150 مليون جنيه يتم سداده على 10 أقساط نصف سنوية، إلا أن «مكسيوم كرار» حصلت على الصفقة بسداد 50 مليون فقط ودفعات تصاعدية أول سنتين فقط، في مخالفة واضحة كشفتها المستندات والتقارير البنكية المناهضة للصفقة الحرام.

لم يتضمن اتفاق توقيع البيع على أي غرامات تأخير على العميل في حالة عدم سداد الأقساط في موعدها، وتضمن الاتفاق تحمل البنك 40% من الضرائب والرسوم التي يتحملها العميل خلال الفترة؛ الأمر الذي ترتب عليه أن مبلغ البيع الفعلي أصبح أقل مما تم إعلانه وما تمت الموافقة عليه.

تشير المستندات إلى أن البنك قدر أصول القرية بـ960 مليون جنيه؛ كما تضمن الاتفاق تنازل البنك للمشتري عن المبالغ التي تستحق كتعويضات في الدعوى المرفوعة من البنك ضد المقاول العام؛ المقدرة بـ35 مليون جنيه على الرغم من وجود خطابات ضمان صادرة لصالح البنك تتجاوز قيمتها 22 مليون جنيه.

**خطة البيع بأبخس ثمن

وكعادة خطط الاستيلاء على المال العام في ايجاد الأسانيد والمبررات؛ فقد اعتمدت خطة الصفقة المشبوهة على بعض قرارات مجلس الإدارة التي تشير إلى أن هذا العرض هو أفضل العروض التي تلقاها البنك.

وأوضحت المستندات إلى أن البنك تلقى 3 عروض: الأول من مجموعة عامر جروب بمبلغ مليار جنيه ونسبة مشاركة 20% من اجمالي المبيعات، والعرض الثاني من شركة إيوان للاستثمار والتنمية بمبلغ مليار و100 مليون ونسبة مشاركة 35%، والعرض الثالث من شركة مكسيوم للاستثمار العقاري بمبلغ مليار و287 مليون جنيه ونسبة مشاركة 40%، وأنه بجلسة الممارسة بتاريخ 8/3/2018 اعتذرت شركتي «إيوان وعامر جروب» عن دخول جلسة الممارسة.

واستمرارًا لدور مجلس الإدارة في تجميل الصورة، أشار اجتماع المجلس في تقريره إلى أن البنك يتكبد 3 ملايين و250 ألف سنويا في مصروفات الكهرباء وأمن القرية، وأن التكلفة الفعلية للأصل تبلغ 647 مليون وأن عرض مكسيم يوفر لها عائد ربحي تبلغ قيمته 640 مليون جنيه.

وعلى الرغم من موافقة مجلس الإدارة، جاء تقرير مستشار رئيس مجلس الإدارة ومجموعة المخاطر بما يوضح بعض الحقائقحول أن الشركة مصنفة طبقا لتقرير الاستعلام الائتماني iscore مخاطر مرتفعة لهذه الأسباب: «تأخر حاد في السداد، ونسبة الأرصدة إلى الحدود الائتمانية للقروض أكبر من اللازم، ويوجد حجز إداري موقع من ضرائب مدينة نصر باسم محمد وجدى كرار على العنوان 595 المرغني مصر الجديدة، ويوجد شيكات مستحقة على الشركة مرتدة من بنوك بمبالغ مالية مستحقه من 2015/2016».

وأشار التقرير أيضا إلى أن محمد وجدى كرار رئيس مجلس إدارة الشركة والمحرك الرئيسي للنشاط، مصنف طبقا لتقرير الاستعلام الائتماني I_score مخاطر مرتفعة لأسباب:«يوجد تأخيرات في التسهيلات الائتمانية، وعدد من القروض الممنوحة أكثر من اللازم».

وكشف تقرير لقطاع التطوير العقاري بالبنك عن حقائق صادمة في «الصفقة الحرام»، دار التقرير حول تقييم عرض مكسيم لشراء قرية لونج بيتش، وجاء به: أن العرض المقدم لا ينطبق مع ما تم الاتفاق عليه ولا ينطبق عليه مبدأ الطرح والذي تمحور حول 40% نسبة من مبيعات الشقق السكنية  بحد أدنى مليار و228 مليون، بالإضافة إلى نسبة من الشقق الفندقية (270 غرفة فندقية مبنية بمساحة 12 ألف متر+ أرض الفندق)، ونسبة من الشقق التجارية (المول والمحلات التجارية).

وانتهى تقرير القطاع العقاري إلى: أنه بناء على جميع طرق التقييمات (القيمة السوقية وقيمة التكلفة) يتضح أن القرية بكل عناصرها بأقل قيمة مقدرة ـ مع الأخذ في الاعتبار تكاليف الصيانة والتجديدات ـ تُقيم بحوالي من مليار و433 مليون إلى مليار و440 مليون، وأضاف التقرير: أن القرية حاليا مبنية على مساحة 14% من مساحة الأرض مما يضع إمكانية إضافية للمطور بزيادة المساحة إلى 20% حسب ترخيصها ومن ثم زيادة الوحدات السكنية (يمكن الزيادة لـ600 وحدة إضافية) ومن ثم زيادة الربحية للمطور.

صفقة البيع تم التغاضي فيها عن تكليف جهة استشارية بإعداد business plane لاحتساب التدفقات النقدية المتوقعة للمشروع، الأمر الذي شجع شركة مكسيم على عدم تقديم خطة تفصيلية لأعمال تطوير القرية حتى يتم متابعة ما سيتم تنفيذه، ومنحه 233 مليون كتسهيلات إئتمانية، كل ما سبق هو جزء من مسيرة مدحت قمر داخل البنك.